الارشيف / عرب وعالم

كبير مستشاري زيلنسكي لـ"الخليج 365": هذه شروطنا للسلام وسنغيّر المعادلة مع روسيا

محمد الرخا - دبي - الاثنين 1 أبريل 2024 12:02 مساءً - وسيم عرابي

في حديث حصري مع "الخليج 365"، حدد ميخايلو بودولياك، كبير مستشاري الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينكسي، الخطوط العريضة لأي سلام محتمل مع الروس، مؤكّداً أنّ مسألة حصول كييف على طائرات أف-16 باتت في خواتيمها وعملية التسلّم قريبة، وشرح كيف يمكن أن تغيّر تلك الطائرات المعادلة ميدانياً.

في بداية اللقاء، علّق بودولياك على الهجوم الإرهابي الأخير في روسيا والذي ذهب ضحيته أكثر من 100 قتيل، معتبراً أنّ "اتهام أوكرانيا بالتورّط بالهجوم لا يؤثّر على مسار الحرب الشاملة التي تخوضها كييف مع روسيا بأيّ شكل من الأشكال"، قائلاً: "كما هو متوقع، فإنّ روسيا تستغل أيّ مناسبة محتملة لإلقاء اللوم على أوكرانيا لاستخدام ذلك لاحقاً كذريعة من أجل عسكرة مجتمعها بشكل أكبر، وترويج الدعاية المناهضة لأوكرانيا".

وجدّد التأكيد أن "ليست لأوكرانيا علاقة بذلك الهجوم الإرهابي، إذ تشير الحقائق كلّها إلى ذلك، ويعتبر تنظيم ولاية خراسان هو المسؤول عنه. يمكننا أيضاً أن نرى أنّ الأفراد الذين تمّ القبض عليهم كانوا على صلة بالاتحاد الروسي، معظمهم من المهاجرين الذين كانوا يعملون هناك لفترة طويلة. كما يمكننا أيضاً ملاحظة لوجستيات الهجوم الإرهابي وسلوك القوّات الروسية الخاصة،

إذ أدركوا أنّ ذلك الهجوم كان مخطّطاً له، حتّى أنّ قوات الاستطلاع التابعة لدول أجنبية حذّرتهم منه، وبالتالي فإنّ أوكرانيا وحلفاءها في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية يدركون جيّداً اليوم مَنْ يتحمل المسؤولية عن ذلك".

هل لدى أوكرانيا أيّ مخاوف بعد التطورات الأخيرة؟

وعمّا إذا كانت لدى أوكرانيا مخاوف من أيّ خطوة روسية مقبلة ضدّ أوكرانيا، قال: "نحن قلقون بشأن نقص الموارد، ولكن ذلك ولمرّة أخرى، ليس له أيّ علاقة بالأحداث التي حصلت في مدينة كروكوس بالقرب من موسكو. وأؤكّد مرّة جديدة أنّه منذ أكثر من عامين بدأت روسيا حرباً واسعة النطاق في أوكرانيا، تستخدم فيها كافة الأدوات، بما في ذلك العنصر الإرهابي، فهي تهاجم المدنيين الأوكرانيين بصواريخ كروز وصواريخ باليستية وصواريخ تفوق سرعة الصوت، ويحدث ذلك بشكل يومي من دون تغيير".

وأضاف: "قبل وبعد الهجوم بالقرب من موسكو، أطلق الروس صواريخهم على البنية التحتية المدنية والحيوية في أوكرانيا؛ على سبيل المثال محطة الطاقة الكهرومائية الواقعة على نهر الدنيبر في زاباروجيا، ونواجه يومياً ذلك النوع من الهجمات... لذلك، لا نرى فرصاً كبيرة لروسيا لتغيير الوضع على خط المواجهة، ونرى أنّهم سيواصلون استخدام كلّ الأدوات والموارد المتاحة".

وتابع: مشكلتنا هي نقص مواردنا، من قذائف وطيران تكتيكي وطائرات من دون طيّار والصواريخ بعيدة المدى التي تعطينا الفرصة لتدمير الخدمات اللوجستية الروسية. تلك هي كل مخاوفنا، وما ستفعله روسيا لن يُحدث تغييراً كبيراً في مسار الحرب بعد هجوم موسكو".

بودولياك: الكرملين يريد استغلال هجوم موسكو لتغذية الحرب

ورأى بودولياك أنّ الكرملين يريد استغلال هجوم موسكو لتغذية الحرب مع أوكرانيا، قائلاً: "إنّنا نرى من تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورؤساء مؤسسات السلطة، أنّهم يحاولون استخدام الهجوم لعدة أغراض:

- أولاً، لتعزيز الهستيريا المعادية لأوكرانيا في مجتمعهم.

- ثانياً، لتعبئة المزيد من الأشخاص في الجيش، الذين يطلقون الآن علناً على عمليتهم العسكرية الخاصة في أوكرانيا سابقًا اسم الحرب.

- ثالثًا، إقناع الدول الأجنبية، مثل كوريا الشمالية، بتوفير المزيد من الموارد لروسيا.

-وأخيراً، استخدام ذلك الأمر على الساحة الدولية كوسيلة لإلقاء اللوم على أوكرانيا في الهجوم". واعتبر أنّ "النقطة الأخيرة لم تنجح كثيراً رغم أنّ محاولاتهم الداخلية لحشد المزيد من الناس قد تنج"..

فترة ركود

وردّاً على سؤال حول مسار المعارك الميدانية على الجبهات مع الروس، أوضح كبير مستشاري الرئيس الأوكراني لـ"الخليج 365" أنّه "لم يكن هناك الكثير من التغيير في الآونة الأخيرة، وروسيا تستخدم الكثير من القوّات المعبّأة كمورد لها، بالإضافة إلى العديد من القذائف لمحاولة دفع الجيش الأوكراني إلى مناطق دونيتسك ولوهانسك وزاباروجيا، لكن لم يكن هناك الكثير من التقدّم الكبير بالنسبة لهم خلال العام الماضي".

وأضاف: "يقوم الجيش الأوكراني بدوره بعمليات تقدّم مضادة طفيفة، وينفّذ عمليات استراتيجية في جنوب البلاد حيث يهاجم الأسطول الروسي في البحر الأسود"، مشيراً إلى أنّ "المعارك تحتدم على طول خط المواجهة، ويمكن أن تحدث 70 أو 80 أو حتى 100 معركة مباشرة في اليوم، فيما يستخدم الروس كل يوم 7500-12500 قذيفة من عيار 152 و122، وتلك كميّة ضخمة".

وتابع: "أمّا أوكرانيا، لسوء الحظ، لا يمكنها استخدام سوى نحو 2000-3000 قذيفة للرد، لكن على الرغم من حدّة المعارك، إلّا أنّه لا يوجد تقدّم كبير على أيّ من الجانبين".

وأكّد أنّ "أوكرانيا تمرّ حالياً بفترة من الركود وتراكم الموارد، وتعمل بالتعاون مع شركائها على توفير أسلحة كافية مثل الصواريخ بعيدة المدى والقذائف والطائرات من دون طيّار، إلى خط المواجهة لتحقيق التكافؤ في الكميّة"، مرجّحاً أنّ "روسيا في الغالب تجري تعبئة إضافية، مستخدمة شعبها كوقود للمدافع وتتكبّد خسائر فادحة في الأفراد".

ما حجم التكافؤ في السلاح؟

وعن تداعيات التأخّر في توريد الأسلحة في تلك المرحلة من الحرب، قال بودولياك: "الأمر بسيط للغاية، فتلك الحرب تتكون من عنصرين:

-المقاومة النفسية الناجمة عن الاضطرار إلى القتال، وفي أوكرانيا لدينا تلك المقاومة على مستوى عالٍ جدّاً، حيث نقاوم العدوان واسع النطاق منذ أكثر من عامين.

-العنصر الثاني التكافؤ في السلاح: إذا كانت روسيا تستخدم 10000 قذيفة يوميا، فإنّنا نحتاج إلى نفس الكمية تقريباً لإجراء المعركة المضادة للبطاريات. وتعتمد روسيا على الكمية أكثر من اعتمادها على الجودة، لذلك نحتاج للوصول لذلك التكافؤ من أجل التقدم الفعّال على طول خط المواجهة".

وتابع: "على سبيل المثال، لكلّ 3 مقذوفات روسية من طراز 152، يجب أن يكون لدينا مقذوف واحد على الأقل من عيار 155 ملم لأنّه أكثر دقة. يجب أن تكون لدينا أسلحة عالية الدقة في مواجهة الأسلحة السوفييتية القديمة التي يمتلكها الروس بكميّات كبيرة، حتّى أنّه يمكن أنّ يؤثّر 20 صاروخاً عالي الدقة على الوضع العام على خط المواجهة. وأيضاً، يمكننا تعويض المدفعية بـ 50000 طائرة من دون طيّار من طراز FPV شهرياً، لأنّها رخيصة الثمن ودقيقة. إنّ ذلك النقص في الأسلحة هو مشكلتنا الرئيسية الآن، وبالتأكيد سنكون سعداء إذا تمّ توريدها إلى أوكرانيا بشكل أسرع وأكبر". وقال إنّه "بمجرّد حصول أوكرانيا على طائرات إف-16، ستفقد روسيا الميزة التي تساعدها على البقاء واثقة على طول خط المواجهة".

كيف تساهم طائرات إف-16 في تغيير المعادلة الميدانية؟

وعن كيفية مساهمة طائرات إف-16 في تغيير المعادلة الميدانية، قال: "يوجد حالياً تحالف جيّد حول موضوع طائرات إف-16 لأوكرانيا، وينهي الطيّارون الأوكرانيون تدريباتهم على تلك الطائرات، فيما يتمّ إعداد القدرات اللوجستية والهندسية. هناك أعداد محدّدة للطائرات من كلّ دولة على وشك التسليم عندما يصبح الطيّارون والبنية التحتية جاهزة. لذلك، سيتمّ بالتأكيد استخدام طائرات إف-16 ومن دونها، يكاد يكون من المستحيل القضاء على السيطرة الروسية جواً".

وتابع: "كلّ سلاح يحلّ مشكلة محدّدة، وأسلحة الناتو دقيقة للغاية، حتّى اليوم نرى كيف تخسر روسيا أسواق مبيعات الأسلحة، لأنّها ذات نوعيات رديئة، هم فقط لديهم كميات كبيرة منها".

 متى تحصل أوكراينا على طائرات F-16؟

وعن تاريخ تسليم تلك الطائرات، قال بودولياك لـ "الخليج 365" إنّ "ذلك سوف يحدث في المستقبل القريب، لكن لا أستطيع تحديد الموعد لأسباب أمنية لكنّه قريب، وسوف يتمّ تنفيذ كلّ ما اتفقنا عليه مع الشركاء، فيما نتمنّى فقط أن يكون الأمر أسرع وبأعداد أكبر".

وعمّا اذا كان موضوع الطائرات أف-16 سيسلك مسار النقاش الذي حصل سابقاً حول دبابات ليوبارد، أجاب أنّ "ذلك الأمر مختلف عمّا كان في السابق، والآن تقترب كافة الاستعدادات لطائرات إف-16 من المرحلة النهائية، وشركاؤنا يعرفون جيّداً أنّه إذا لم نقضِ على الطيران التكتيكي الروسي، فإنّ خط المواجهة سيبدو كما هو الآن، ولا يمكننا حقاً أن نتحمل استمراره لسنوات قادمة. عندما نسقط طيرانهم التكتيكي، سنرى أحداثاً مختلفة تماماً على خط المواجهة".

ماذا يجري داخل أوكراينا؟

على الصعيد الداخلي، كان الرئيس الأوكراني أقال مؤخراً أمين مجلس الأمن في البلاد أوليكسي دانيلوف، وعيّن مكانه ألكسندر ليتفينينكو الذي شغل منصب رئيس جهاز المخابرات الخارجية الأوكرانية. فما الذي يحدث في الداخل؟ وهل تسعى أوكرانيا اليوم إلى إعادة تشكيل فريقها الأمني؟

في ذلك السياق ردّ بودولياك بالقول إنّ "دانيلوف سيقوم بتغيير اتجاه العمل. لقد أخبرنا الرئيس مرّات عديدة أنّنا سنحتاج إلى مناوبات من وقت إلى آخر لأنّ الحرب تستنزف الكثير من الموارد النفسية. من خلال تعيين ليتفينينكو في ذلك المنصب، يريد زيلينسكي الحصول على تحليل تنبؤي أكبر حول كيفية تأثير حربنا على مختلف البلدان في المستقبل القريب. إنّه يريد الحصول على سيناريوهات أكثر وضوحاً، اعتمادًا على النتائج المحتملة للانتخابات في بعض الدول الغربية، وكذلك العمليات الداخلية في روسيا. كما يريد فهماً أوضح لاحتياجات أوكرانيا الحالية في نطاق مجلس القائد الأعلى للقوّات المسلحة، وذلك ما يعدّه مجلس الأمن القومي. فنحن نحتاج إلى خطة موجزة ومفصلة لآخر مشتريات للجيش، وأشياء مثل استراتيجيات التفاعل مع الشركاء.

19.05  وأخيراً، سياسة واضحة بشأن العقوبات المفروضة على الشركات الداعمة للحرب، بما في ذلك تلك التي ربّما مازالت تعمل في السوق الأوكرانية. وبالتالي، يعدّ ذلك تعزيزاً لفريق مجلس الأمن القومي، حيث يتمتع ليتفينينكو بخبرة كافية في العمل التحليلي والاستطلاعي. ومن ناحية أخرى، فإنّ دانيلوف، كما قلت، سيغير اتجاه العمل فحسب، لكنّه لا يزال ضمن فريق زيلينسكي".

ما مدى إمكانية حصول سلام مع روسيا وما شروطه؟

وحول ما إذا كانت أوكرانيا وحلفاؤها يروْن أنّ هناك أرضية مشتركة مع روسيا للتسوية السلمية من أجل إنهاء الحرب، قال إنّ "ذلك السؤال غريب بعض الشيء بالنسبة لي. لقد دخل الاتحاد الروسي أوكرانيا بجيش كبير بهدف تدمير الدولة الأوكرانية. ولذلك السبب يصعب عليّ أن أتخيّل منصة للتسوية السلمية هنا. لم تحقق روسيا الأهداف التي حددتها، والهدف الأساسي ليس حتّى إعادة البناء السياسي لأوكرانيا، بل هو التدمير الكامل لها ولشعبها، وروسيا ستستمر في عدوانها على أوكرانيا حتّى تتحقق تلك الأهداف، وحتّى تصبح أراضي دولتنا منطقة رمادية كاملة".

وأردف: "على الأرجح أنّك لن تقوم بغزو دولة تريد مفاوضات سلمية معها، لذلك بالنسبة لأوكرانيا، إذا أردنا الحفاظ على سيادتنا ودولتنا، فإنّنا بحاجة إلى نهاية عادلة لتلك الحرب:

- يتعين على روسيا مغادرة أراضينا.

- ثانياً، بالنسبة للمجتمع الدولي كاملاً، من المهم أن تُهزم روسيا في تلك الحرب، لأنّنا بعد ذلك سنكون قادرين على العودة إلى سيادة القانون الدولي باعتباره المفهوم الوحيد للعلاقات بين الدول.

- وثالثًا، حتّى بالنسبة لروسيا، فإنّ الهزيمة مهمّة، لأنّها ستجعلها تخضع لتحوّل سياسي وتبدأ أخيراً في العمل كدولة حديثة تفهم ما هو العالم الحديث".

وتابع كبير مستشاري الرئيس الأوكراني حديثه مع "الخليج 365" بالقول: "مثل تلك الدولة لن تنشغل فقط بالتمويل والمشاركة في الحروب ودعم مختلف سبل النفوذ الإرهابية على أراضي الدول الأخرى. لذلك لا يوجد أساس لمحادثات السلام مع روسيا، فهم ببساطة لا يريدونه، في الوقت الحالي، لا يمكنهم الوجود إلّا في حالة الحرب تلك، وذلك يمنحهم بعض السيطرة على فضائهم العام الداخلي".

وختم: "بالنسبة لأوكرانيا، الأمر على ذلك النحو: إذا أردنا البقاء على قيد الحياة، فعلينا أن نحرر أراضينا، وإلّا فإنّ الحرب ستكون أبدية بالنسبة لنا، حيث ستواصل روسيا محاولات التوسّع. وكما تعلمون، عادةً ما أطرح سؤالاً مشابهاً ردّاً على ذلك: إذا قام شخص ما بغزوك وقتل أطفالك، فهل أنت مستعد لغض البصر عنه والركوع أمام شخص جاء لقتلك؟ الرد الأكثر وضوحاً هو لا، وهكذا هو الحال بالنسبة لأوكرانيا الآن. لقد كنّا نقاتل في تلك الحرب واسعة النطاق لأكثر من عامين ونريد الفوز بها. لأنّ ذلك هو السؤال حول ما إذا كان أطفالنا سيبقون على قيد الحياة أم لا".

Advertisements