الارشيف / عرب وعالم

هل عمّقت إحاطة المبعوث الأممي إلى ليبيا الأزمة أم قرّبت الحل؟

  • 1/2
  • 2/2

محمد الرخا - دبي - الأربعاء 18 أكتوبر 2023 05:17 مساءً - ألقت العاصفة "دانيال" التي ضربت مدينة درنة الليبية وما جاورها وأودت بحياة الآلاف، بظلالها على أول إحاطة للممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا، عبد الله باتيلي، أمام مجلس الأمن الدولي بعد الكارثة، حين افتتح إحاطته التي قدمها عبر الفيديو بقوله إن التكلفة البشرية والمادية الناجمة عن مأساة درنة - التي ضربتها السيول- "تفوق الخيال".

وأكد "باتيلي" أن الكارثة كشفت عن عجز حاد في الحوكمة من خلال بضع قضايا، مثل: عدم صيانة أنظمة السدود، وإدارة الموارد، فضلًا عن عدم وجود آلية فعالة لإدارة الكوارث.

الانقسام السياسي عمّق الكارثة

الممثل الخاص باتيلي رأى أن حالة الانقسام السياسي التي تمر بها ليبيا فاقمت الوضع الإنساني، حين أكد أن "غياب عملية اتخاذ قرار سياسي موحد على المستوى الوطني جعل الأمور أكثر صعوبة"، مشيرًا إلى أنه لو تم حل قضايا الحوكمة هذه على المستوى الوطني "لكانت خففت من تأثير المأساة".

المبعوث الأممي إلى ليبيا عبد الله باتيلي

ليبيا .. ما تداعيات الفيضانات على العملية السياسية والمضي باتجاه الانتخابات؟

مخاوف باتيلي من تداعيات الكارثة التي طفت على سطح خلافات المؤسسات المنقسمة كانت حاضرة بقوة في إحاطته، حين جدّد التعبير عن القلق إزاء انقسام القيادة الليبية بشأن إعادة إعمار درنة والمناطق المتضررة المحيطة بها، مؤكدا أن بعثة الأمم المتحدة دعت منذ بداية الأزمة القادة هناك إلى إنشاء منصة وطنية موحدة لتقييم الأضرار والاضطلاع بمشروع إعادة الإعمار.

تقدّم بشأن القوانين الانتخابية

هذه الصورة القاتمة التي رسمها رئيس البعثة الأممية للوضع الراهن، بدّدها بشيء من التفاؤل حين أشاد بالتقدم الذي أحرزته لجنة 6+6 المشتركة الموكّلة بإعداد القوانين الانتخابية، التي قال إنها توصّلت "إلى حل وسط بشأن العديد من القضايا"، مؤكدًا أن الانتهاء من وضع القوانين الانتخابية من قبل اللجنة "يوفر فرصة لكسر الجمود السياسي الحالي".

هذا التفاؤل لم يمنع باتيلي بحسب متابعين من وضع بعض العصي في دولاب العملية الانتخابية المرتقبة التي سعت لجنة 6+6 من خلال تفاهماتها إلى بث الحياة فيها من جديد، عندما نبّه إلى ملاحظات رأى أنها مثار جدل سياسي بين الأطراف، مؤكدًا أن "القضايا الأكثر إثارة للجدل سياسيًّا لا تزال دون حل". بما فيها الجولة الثانية الإلزامية من الانتخابات الرئاسية، والربط بين الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وتشكيل حكومة جديدة، علاوة على موقف مجلس الدولة الرافض لقوانين لجنة 6+6 التي أصدرها البرلمان، والتي قال إنها تضع العملية الانتخابية برمتها أمام خطر وقوع أزمة سياسية أخرى.

القوانين وحدها لا تكفي!

وهنا قال باتيلي إن "القوانين وحدها لا تستطيع ولن تجعل الانتخابات تحدث"، داعيًا القادة الرئيسين إلى الاجتماع والاتفاق على تسوية سياسية ملزمة نحو عملية انتخابية سلمية، يكون عمودها الفقري حكومة موحدة لقيادة ليبيا إلى الانتخابات.

خاتمة رأى فيها متابعون للشأن الليبي محاولة من باتيلي للعودة بالأزمة إلى مربعها الأول، وانتكاسة جديدة على صعيد المضي إلى مرحلة الانتخابات والاستقرار، بل وجعلت رئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح، يتهمه صراحة بالتدخل في الشأن التشريعي، عندما قال في تصريح تلفزيوني إن باتيلي منح نفسه صلاحيات الرفض والموافقة على القوانين الانتخابية.

موقف عزّزه عضو لجنة 6+6 عن البرلمان ميلود الأسود في تصريح صحفي بقوله إن "ما جاء في إحاطة باتيلي أمام مجلس الأمن مخيّب للآمال، مؤكدًا "أن رحيله أصبح ضرورة ملحة".

في حين عدّه النائب طارق أبو هيسة في تصريح صحفي تجاوزًا من باتيلي لصلاحيته، متهمًا البعثة بأنها "أصبحت أحد أطراف الصراع بدلًا من الحل".

هذا الموقف من مجلس النواب يقابله ما وصفه متابعون بـ"تعنت" من مجلس الدولة، الرافض لقوانين لجنة 6+6 التي أقرها وأصدرها البرلمان، والمطالب بالعودة إلى نسخة توافقات بوزنيقة المغربية، دون أي تعديل، رغم تأكيد لجنة 6+6 أن النسخة التي أقرها البرلمان شرعية، وغير قابلة للتنقيح أو التعديل.

الموقف الدولي

إحاطة باتيلي الأخيرة ساندها دعم دولي من الدول الغربية الخمس، الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وإيطاليا وألمانيا، التي أعربت في بيان مشترك عن تأييدها "بقوة دعوة الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لكافة القادة الليبيين إلى العمل معًا من أجل التوصل إلى تسوية سياسية ملزمة تمهد الطريق لإجراء انتخابات وطنية وحكومة موحدة".

مضيفة أن "المسار المتفق عليه بالإجماع والذي يحظى بمشاركة من جميع الأطراف يوفر أفضل الطرق لإجراء الانتخابات ومستقبل السلام والوحدة والاستقرار والازدهار للشعب الليبي".

وهنا تثور تساؤلات عن جديّة الأمم المتحدة ومبعوثها باتيلي في المضي بليبيا إلى مرحلة الانتخابات، خاصة بعد اتهامات البرلمان الليبي له صراحة بالعمل على إطالة أمد الأزمة، بل والتدخل في الشأن التشريعي الذي يخوّل البرلمان بإصدار القوانين الانتخابية، والتي هي الآن أمام المفوضية العليا للانتخابات.

Advertisements