الارشيف / عرب وعالم

الطلاق الغيابي.. شبح النساء المصريات‎

محمد الرخا - دبي - الأربعاء 27 سبتمبر 2023 03:01 مساءً - تاريخ النشر : 

27 سبتمبر 2023, 11:16 ص

صوت تعبيري ( إصلاح ) : 28 سنة وأنا مطلقة وما كنتش عارفة، كل اللي شكيت فيه إنه ممكن يكون الطلاق حصل قبل ثلات سنوات بسبب بعض المشاكل بينا بس ما توقعتش أعيش حياة كاملة وأنا مطلقة وما عنديش خبر .

لم تتفاجأ إصلاح صبري عندما علمت بعد وفاة زوجها في العام 2020 أنه طلّقها، خُيل لها في البداية أن ذلك حدث قبل ثلاث سنوات من الوفاة، بعد خلافات نشبت بينهما، ولكن حينما تسلمت وثيقة الطلاق، اكتشفت أنها مطلقة قبل 28 عامًا من وفاة الزوج، وقبل شهرين فقط من ولادة ابنتها الكبرى، بل واستمر الزوج بمعاشرتها طوال هذه الفترة، وأنجب منها ابنة أخرى بعد سبع سنوات من الطلاق دون علمها .

الطلاق الغيابي في مصر، آفة يقتات عليها رجال عدة من أجل الهروب من شبح الميراث وحرمان زوجاتهم من حقوقهن بالتعويض المادي، متكئين في هذا على ثغرات في قانون الأحوال الشخصية ولائحة المأذونين المصرية لتطليق زوجاتهم دون إعلامهن؛ ومستغلين أحكام الشريعة الإسلامية التي تتيح لهم الطلاق غيابيًّا دون حضور الزوجة، حيث تقول الأرقام التي حصلت عليها الخليج 365 عن طريق التواصل مع المأذونين المصريين البالغ عددهم 4638 مأذونا شرعيا، فإن 463 سيدة مصرية طُلقن غيابيا خلال السنوات العشر الأخيرة ولسن على دراية بذلك، أي نحو 46 ألف سيدة كل عام بشكل تقريبي .

صوت تعبيري: تزوجت من زميلي محمد عبد الوهاب عام 1991، ورزقني الله بابنتين منه،

وفي 2017، سافر لبلدته المنيا واستقر هناك، وانقطع الاتصال بيننا حتى سمعت بوفاته في 2020 ، ولما بدأت بنتي باستخراج الأوراق الرسمية للوراثة لقتني مطلقة من والدها قبل ما تولد هي وكانت صدمتها كبيرة أوي .

حالة إصلاح واحد من بين آلاف الحالات، التي تؤكد فتوى الأزهر الشريف أن حكمها الشرعي ينصف الزوجة، فإذا عاشرها الزوج خلال فترة العدة يعتبر ذلك ردًا شرعيًا إلى عصمته، ولكنه غير موثق أمام القانون ما يفقدها حقوقها، وحقوق أبنائها في الميراث، وإذا وقعت المعاشرة بعد انتهاء فترة العدة يعد ذلك زنا، ولكن لا تتحمل وزره الزوجة لعدم معرفتها، ويتحمل الزوج هذا الإثم كاملًا .

تتعدد الحالات ومنها ما يكشف قبل وفاة الزوج، تماما كما حدث مع عبير سالم التي انفصلت عن زوجها بعد قصة حب طويلة وراحت منزل عائلتها لمدة عام ، طُلقت في هذه الفترة غيابيا قبل أن يجمع الصلح الزوجين مجددا دون علم عبير بما جرى.

صوت تعبيري ( عبير ) : بعد أربع سنين وأنا بجدد بطاقة هويتي الشخصية، تفاجأت بأنني مطلقة من سنوات، بس ما قدرتش أخبي وصارحت زوجي فورا ..

واجهت عبير زوجها بما عرفته، وأقر أنه لم يوثق الرجعة بإيعاز من محاميه بسبب الخوف من العودة للمطالبة بالطلاق مرة أخرى، والمطالبة بعده أيضًا بحقوقها الشرعية القانونية من المؤخر والنفقة وما إلى ذلك .

........................................................................................................................

لكن كيف لهذا أن يحدث خفية ولا ينص القانون على إعلام الزوجة بالطلاق ؟

يسمح قانون الأحوال الشخصية المصري، والذي صدر عام 1920، بتطليق الزوج لزوجته غيابيًا، دون حضورها، لكن لائحة المأذونين الصادرة عن وزير العدل عام 1955 تنص على ضرورة إعلام المأذون الزوجة بالطلاق بمجرد وقوعه، وحدد 3 طرق للإعلام بحسب المأذون أشرف موسى، الذي عمل مأذونًا لمدة 17 عامًا، وكل الطرق يجب أن يتوفر فيها مكان سكن الزوجة من أجل إعلامها بالطلاق وهو الأمر الذي كان يخفيه الرجال عن المأذونين بإعطائهم عناوين وهمية، أو بالتواطؤ مع بعض المأذونين، وهو ما يعرض المأذون لعقوبة متدرجة بداية من الإنذار ثم الإيقاف المؤقت انتهاءً بالعزل والشطب .

الخاسر الأكبر في كلتا الحالتين ..

تعتبر الزوجة الخاسر الأكبر إن علمت بالطلاق الغيابي أو لم تعلم، فهي حينها مطلقة أمام القانون، وغير مطلقة شرعًا أمام الدين، وفي كلتا الحالتين هي مسلوبة الحقوق، إذ ينصفها الدين ويعتبر معاشرة الزوج لها خلال فترة العدة إعادة لعصمته وهي بالتالي زوجة شرعية، لكنها تظل أمام القانون مطلقة، فلا تحصل على حقوق المطلقة من نفقة شهرية وباقي المستحقات، وإذا توفي الزوج لا تحصل على حقوقها من الميراث كزوجة شرعًا أمام الدين ، لكن الزوجات اللاتي يعرفن الحقيقة قبل وفاة الزوج قد يكن الأوفر حظًا، فيما يتعلق بحصولهن على الحقوق من نفقة ومؤخر وغيره .

200 جنيه وسجن لمدة لا تتجاوز ستة أشهر، هذه عقوبة الزوج الذي يدلي بمحل إقامة وهمي لمطلقته، الأمر الذي وصفه حقوقيون ومحامون مصريون على أنه عقوبات هزلية، بل إنهم راحوا لتصنيف العملية على أنها جريمة هتك العرض بالتدليس لأنها تتم دون علم الزوجة، وأن الزوج قد يعتبر زانيا في هذه الحالة.

تقول المحامية "هالة دومة" إن قوانين الأحوال الشخصية تظلم المرأة، مطالبة بعدم إتمام العملية إلا بإرادة الزوجين معًا، فإشهار الزواج يجب أن يشبه إشهار الطلاق، مطالبات وجدت طريقها إلى مجلس النواب المصري ، إذ تقدمت نشوى الديب عضو مجلس النواب، بمشروع قانون جديد للأحوال الشخصية يتضمن مادة تؤكد عدم الاعتداد بالطلاق الغيابي إلا بعد علم الزوجة حتى ولو كانت شهادتها إلكترونيا.

Advertisements