محمد الرخا - دبي - السبت 1 يوليو 2023 12:01 صباحاً - قررت المحكمة الأمريكية العليا حظر اعتماد معايير عرقية أو إثنية لقبول الطلبة في الجامعات، بعد مناقشات قضائية طويلة، بحسب ما أوردته "لوموند" الفرنسية.
ويمثل قرار المحكمة الأمريكية نهاية حقبة من التاريخ المعاصر للولايات المتحدة، بعد ممارسة ما يُعرف بـ"التمييز الإيجابي" استمرت لعقود بهدف تعزيز الفرص التعلم للأمريكيين من أصول أفريقية وأقليات أخرى.
وقبل صدور قرار المحكمة، الذي دعمه 3 قضاة عيّنهم دونالد ترمب خلال ولايته الرئاسية، ترحيبًا من محافظين، في حين ندّد به ليبراليون، احتج بالقرب من مبنى المحكمة في العاصمة واشنطن، طلبة جامعة "هارفارد" على "التمييز الإيجابي" في الجامعات.
ويعد "التمييز الإيجابي" مثار جدل منذ عقود، حيثُ استخدم ذلك المصطلح للمرة الأولى في عهد الرئيس الأمريكي جون كينيدي، العام 1961، الذي وقّع أمرًا رئاسيًا تنفيذيًا يقضي باتخاذ إجراءات تمنع التمييز في التوظيف والتعليم بحق الأقليات على أساس العرق أو الجنس أو القومية أو لون البشرة.
وكان كينيدي يرمي بقراره إلى فرض العدالة والمساواة بين الجميع وتعزيز التنوع داخل المؤسسات، بعد حقبة حافلة بالتمييز في المؤسسات الرسمية وغير الرسمية ضد الأقليات، لا سيما السود منهم.
وصوّت 6 قضاة محافظين لصالح الحظر، في حين صوّت ضده 3 قضاة ليبراليين، في قرار صدر بعد استياء لدى اليمينيين تراكم على مدى سنوات إزاء برامج ترمي إلى ضمان التنوّع على صعيد قبول الطلبة في الجامعات والموظفين في الشركات والمؤسسات الحكومية.
وكان على القضاة التسعة أن يحسموا القرار في استئنافين ضد إجراءات العمل الإيجابي في "هارفارد"، و"جامعة نورث كارولينا"، حيث اتهموا بتقديم طلب لإلحاق الأذى بالطلاب البيض والآسيويين، لاسيما أن القرار النهائي جاء في أكثر من 230 صفحة، ما يدل على حدة المناقشات، حيث أراد الجميع للأجيال القادمة ترك بصماتها، فيما اختار اثنان من القضاة قراءة ملخص رأيهما المخالف بصوت عالٍ.
التمييز لا يزال موجودًا
ويخشى اليسار الأمريكي من أن يؤدي هذا التراجع إلى انخفاض كبير في عدد الطلبة ذي البشرة السوداء أو ذوي الأصول الإسبانية، أو غيرهم من طلبة الأقليات في الحرم الجامعي.
وتوضح "لوموند" أن خلافًا ظهر بين القضاة الستة المحافظين وزملائهم التقدميين الثلاثة؛ إذ يرفع المحافظون شعار المساواة بين المواطنين بغض النظر عن لون البشرة، فيما يرسخ المحافظون منطقهم في واقع عدم المساواة والعنصرية، رافضين رؤيتهم مجرد أشباح من الماضي الغابر.
وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن إن "التمييز لا يزال موجودًا في أمريكا"، في خطاب رسمي في البيت الأبيض، مضيفًا: "لا يمكننا العودة"، حيث بدا غاضبًا بشكل واضح، فهو بطل التنوع كما يتضح من تعييناته العديدة لقضاة اتحاديين من الأقليات.
في حين قال رئيس المحكمة العليا القاضي جون روبرتس، إن العديد من الجامعات اعتبرت خطأً أن أساس هوية الشخص لم يكن اختباره أو المهارات المكتسبة أو الدروس المستفادة، بل لون بشرته، مضيفًا: "تاريخنا الدستوري لا يتسامح مع هذا الاختيار".
وأكد أنه "يجب أن يعامل الطلاب بناءً على خبراتهم كأفراد وليس بناءً على العرق"، فيما ينص الدستور على استثناء للأكاديميات العسكرية بسبب خصوصيتها وطبيعة عملها.
وبخصوص جامعتين "نورث كارولينا" و"هارفارد"، اعتبرت المحكمة أن برنامجهما ينتهك بند المساواة في الحماية، وبالتالي يعد غير قانوني.
وأشاد المحافظون البارزون بالقرار، موضحين أن الدستور يجب ألا يكون "مصابًا بعمى الألوان"؛ أي ألا يميز إيجابًا أو سلبًا، فيما أدان الليبراليون (الديمقراطيون) القرار، ورأوا أن التمييز الإيجابي أداة رئيسة لعلاج العنصرية.
وجامعات "ييل" و"براون" و"كولومبيا" و"بنسلفانيا" و"شيكاغو" و"كلية دارتموث"، من بين عشرات المؤسسات التي لديها سياسات قبول تأخذ العرق في الاعتبار.